
نداء سوريا
13/02/2018
على الرغم من كلِّ الأخطاء التي وقعت فيها قيادات الفصائل الثورية - وبعضها كان كارثياً ومنهجياً بكل المقاييس - إلا أن الفصائلَ بمقاتليها من أبناء سوريا والثورة ما تزال السدَّ الأخير الذي يحول دون تمكُّن النظام وحلفائه - وعلى رأسهم الروس - من القضاء على الثورة عسكرياً وتحقيق الحسم الميداني الكامل أو المفضي إلى حل سياسي ينسجم مع مصالحهم، وكلُّ ما يتم تداوله حول المسارات السياسية والمؤتمرات والاجتماعات هو حديث عقيم لا قيمة له إذا ما استمرت الديناميكية الحالية على الأرض ولم تتمكن الفصائل الثورية من وقف تقدم النظام والروس في حماة وإدلب وإعادة ترتيب الوضع العسكري بشكل عام.
لقد قامت أطراف كثيرة في الماضي بتشخيص أمراض الفصائل الثورية وعوامل فشلها في الفترة الأخيرة، وإذا وضعنا جانباً العوامل الخارجية المتعلقة بضعف الدعم المقدم للفصائل مقارنة بدعم حلفاء النظام له، ودور قيادات عصابة الجولاني الدخيلة على الثورة في إضعاف الفصائل ومحاربتها والتسبب في تسليم المحرر للنظام؛ فإن الأسباب الحقيقية لفشل الفصائل تكمن في أمراضها الداخلية التي تجلت في أقبح صورها من خلال اقتتال بعض الفصائل في ما بينها وتسببها هي الأخرى في خسارة أراضٍ محررة.
لا شك أن معظم قيادات الفصائل ما زالت تحمل رواسب ثقيلة من "الثقافة البعثية" التي قامت الثورة لتغييرها، وبعض هذه القيادات ما تزال تعاني من أزمة أخلاقية ونفسية حادة ضاعفت من أثر وانعكاسات مفاهيم القيادة الفاسدة التي سيطرت على عمل الفصائل ومنعتها من تحقيق انتقال نوعي حقيقي على المستوى الفكري والتنظيمي والسياسي، فضلاً عن تحوُّل الفصائل في حدِّ ذاتها إلى منظومات نخرَ بعضَها الفسادُ وأصبحت تقتات عليها فئاتٌ ارتبط مصيرها باستمرار هذه المنظومات وأصبح هدفها الحفاظ عليها مهما كلف، هذه العوامل حرمت الفصائل من لعب الدور المنوط بها مع تطور الأحداث ومع فشل المعارضة السياسية في بناء الخطاب والتصور السياسي المطلوب، ولكنَّ الأهم من ذلك أنها حرمت الشعب الثائر من تحقيق مشروع وطني حقيقي يمثل الثورة ويكون البديل الحقيقي للنظام سواء داخلياً أو في عيون المجتمع الدولي والإقليمي.
إلا أن هناك معضلة أكبر تواجه قيادات الفصائل، وهي غياب التصور الصحيح سواء على مستوى مستقبل فصائلهم أو على مستوى البلد والقضية السورية بشكل عام، للأسف يمكن القول بكل ثقة ودقة إن غالبية قيادات الفصائل تطغى على تفكيرها المناطقية والفصائلية، وهي عاجزة عن الارتقاء إلى مستوى التفكير بمصلحة البلد بأكمله، وقد ولَّد ذلك ثلاثة أنواع من التصورات السلبية أو المدمرة لمستقبل الفصائل والثورة:
التصور الأول: هو في حقيقته "اللا تصور" وهو الحالة الطاغية، حيث يغيب عن قيادة الفصيل أي تصور فعلي عن مآلات الأحداث والتغيرات، وينحصر جهد القيادة ووقتها في تأمين استمرارية الفصيل فقط، وهو أمر مطلوب ومحمود ولكن غير كافٍ.
التصور الثاني: هو اعتبار الفصيل رافعاً لمشروع أيديولوجي يجب ضمان استمراريته واستقلاليته للحفاظ على البعد الفكري والعصبية الفصائلية حتى بعد انتهاء الثورة، وهو تصور سلبي من شأنه الحد من قدرة هذا الفصيل على الانخراط بشكل فعلي في مشروع جامع والقيام بواجب الساعة.
أما النمط الثالث من التصورات عند قيادات بعض الفصائل فهو القائم على وهم "الدولة" حتى لو كان على مساحة محدودة من الأرض ما دامت هذه المنطقة في نظرهم إستراتيجية بما فيه الكفاية ليساوموا عليها سياسياً في المستقبل، هذا التصور هو الأخطر من نوعه لأن أصحابه لن يدخلوا في أي مشروع جماعي، ولكن الأخطر من ذلك أنهم مستعدون لتدمير الساحة مقابل الحفاظ على هذا الوهم، للأسف أصحاب هذا التصور هم الأكثر خطراً وتدميراً للثورة، وللأسف يوجد أكثر من نموذج لهذا التصور.
في ظل هذا الواقع، ومع تفاقم نتائج التدخل العسكري الروسي المباشر، ومع تسبب خيانات قيادة "الهيئة" في خسارة جزء من الأراضي المحررة، يجب على القيادات المخلصة من الصف الأول والثاني في الفصائل (والصف الثاني كان دائماً على درجة أعلى من الوعي والإدراك) وعلى القيادات والزعامات الشعبية العمل على محورين متوازيين لا بديل عنهما: أولهما هو مأسسة العمل العسكري الثوري وضمان شرعيته داخل وخارج سوريا، والمحور الثاني هو بناء "المقاومة الشعبية" كرديف ومكمل للفصائل الثورية، على الأقل في هذه المرحلة.
رغم أن التفكير النمطي وحتى الكلاسيكي للفصائل الثورية دار دائماً حول فكرة الاندماج الكامل بينها إلا أن الأمراض التي ذُكرت آنفاً حالت دائماً بينها وبين مرادها، ورغم أن الفكرة ما تزال صائبة بل لا بديل عنها، ليس على المستوى العسكري فحسب بل على المستوى السياسي الذي بات يتطلب وزناً أكبر لصوت الداخل، إلا أن آلية تحقيق هذا الهدف وإطاره باتت تحتاج لمراجعة حقيقية.
الفصائل الثورية مطالَبة الآن في كل منطقة جغرافية محررة بتحقيق الحد الأدنى من التنسيق العسكري والسياسي من خلال عمل جبهوي صرف لمواجهة التحديات العسكرية المباشرة التي بات بعضها وجودي، ولتلعب الفصائل الدور المطلوب منها في التأثير على صناعة القرار السياسي في الثورة بعيداً عن الفصائلية والوصاية الخارجية، وفي حال تعثر التنسيق الجبهوي فلا أقل من العودة إلى تأسيس غرف العمليات العسكرية، وقد رأينا خطوات بهذا الاتجاه والأثر الإيجابي لها في الحد من تقدم النظام وتوجيه ضربة قاضية لتنظيم داعش.
هذا التنسيق الجبهوي يكتسب بُعداً آخرَ في الشمال السوري؛ فهو ضرورة للتعامل مع سقوط "هيئة التحرير" وتحولها إلى كيان عاجز عن الدفاع عن المحرر وسط التحديات الداخلية الكبيرة التي تواجهها، لا سيما أن هذه العصابة ما تزال قادرة على الاعتداء على الفصائل الثورية وتعطيل عملها الدفاعي وحتى الهجومي، والتضييق على المدنيين وكلِّ من يخرج عن طاعتهم ووهم الدولة والحكومة الذي يعيشونه، وهذا ما يجب أن تتم مواجهته من قبل العمل الجبهوي للفصائل، وتحقيق توازن الرعب الذي سيمنع ويردع أي طرف من ارتكاب حماقات جديدة، فالشمال السوري لن يحتمل موجة جديدة من البغي، والحل الوحيد هو التعامل مع البغي بطريقة وقائية واستباقية، مع يقيننا بأن الجولاني سيعود إلى عدوانه من جديد.
إلا أن النقلة النوعية في عمل الفصائل ورؤيتها بل ضمان مستقبل مقاتليها ودورها في الدولة السورية القادمة يكمن في مأسسة العمل العسكري للثورة، وأن يتم صهر القوة العسكرية التي تم بناؤها على مدى سبع سنوات بعرق السوريين ودماء أبنائهم في بوتقة واحدة تكون رأس مال الثورة العسكري الذي يجب الحفاظ عليه ليلعب دوراً في مستقبل سوريا حتى بعد انتهاء الثورة، وتكون العمود الفقري لمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية.
هذه النقلة لا تتم إلا عندما تتحول وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة إلى مشروع الفصائل الحقيقي، نعلم تماماً الحساسيات المتراكمة التي تولدت على مدى السنوات الأخيرة تجاه الحكومة المؤقتة والمؤسسات المنبثقة عنها، لكننا نعتقد أنها حساسيات بُنيَت على تصور خاطئ لحقيقة مفهوم الحكومة المؤقتة ولا شك أن جزءاً كبيراً من هذه الحساسيات كان موجهاً للائتلاف كمؤسسة وشخصيات، فنالت آثارُها الحكومةَ المؤقتة بحكم العلاقة التنظيمية بينها وبين الائتلاف، ولا شك أن بعض هذه الحساسيات كان مُحِقاً.
نظرت الفصائل دائماً إلى العلاقة مع الحكومة المؤقتة على أنها علاقة تبعية، وأن الحكومة ستحاول سلبها القرار والاستقلالية، وخاصة في حالة الفصائل صاحبة المشاريع الأيديولوجية أو الحزبية، فالتخوف يكمن في اعتبارهم أن الدخول في الحكومة المؤقتة هو نهاية هذه المشاريع وفقدان الحاضنة الخاصة لها، لا شك أن انطلاق تجربة الفيالق في منطقة "درع الفرات" تعد محاولة جادة في هذا المجال وكان للجبهة الشامية دور متقدم فيها، ولكن لم تتمكن من تحويل "وزارة الدفاع" إلى المشروع الثوري العسكري الذي نحتاجه، وبقي تأثيرها الفعلي على الأرض محدوداً جداً.
على الفصائل أن تنظر إلى نفسها على أنها هي الحكومة المؤقتة (بما يخص الجانب العسكري)، وألا تنظر إلى مشروع الحكومة المؤقتة على أنه منافس لها، بل على أنه مشروعها، وعلى رئاسة الحكومة المؤقتة أن تسلِّم الشأن العسكري بشكل كلي للفصائل لتشكل هي وزارة الدفاع وتديرها تحت مظلة الحكومة، وأن تعلم الحكومة المؤقتة أنها لن تحصل على شرعية أكبر أو ثقل أعظم من أن تنصهر الفصائل فيها بشكل فعلي.
الحكومة المؤقتة والائتلاف قبلها لم ولن يكونا مشاريع خاصة بأفراد أو تيارات، بل - على عجرهما وبجرهما - مؤسسات ثورية نالت الاعتراف الدولي بسبب تضحيات الشعب الثائر، بمن فيهم مقاتلو الفصائل، لذلك على قيادات الفصائل ألا تعتبر دخولها في الحكومة المؤقتة وتشكيل وزارة الدفاع نوعاً من التبعية أو فقدان الاستقلالية أو حتى انحسار الأهمية والتأثير، بل هو أقرب لأن تستعيد هذه الفصائل ما هو حق لها وأن تقوم بما هو واجب عليها.
واهمٌ أو جاهلٌ من يعتقد من قادة الفصائل أنه قادر على المضي بفصيله منفرداً ومساومة الدول على جزء من "كعكة" سوريا المستقبل بناء على نفوذه المناطقي أو الفصائلي الحالي، بل سيكون العكس تماماً، حيث ستتحول الفصائل بعد فترة معيَّنة وحسب التطورات العسكرية والسياسية إلى منظمات خارجة عن القانون، وسيبقى التعامل معها إقليمياً ودولياً وحتى داخلياً على أنها "جماعات مسلحة" دون أي صفة رسمية أو قانونية، وفي يوم من الأيام دستورية، إن كان قادة الفصائل حريصين على مقاتليهم ومستقبلهم فعليهم أن يفكروا خارج الصندوق الفصائلي وعليهم أن يوسعوا أفق تخطيطهم ورؤيتهم للمستقبل.
النفوذ الحقيقي الذي يجب أن يطمح له قادة الفصائل (وهنا نتكلم بكل شفافية ووضوح عن المصالح الخاصة) في مستقبل سوريا يكمن في الدور الذي سيلعبونه داخل مؤسسات الدولة القادمة ومن خلال وزنهم الاجتماعي والسياسي المستقل للتأثير والمشاركة في الحياة العامة والسياسية، ولكن التمسك بالقوة العسكرية لصالح مشاريعهم الحالية بشكل حصري وحرمان الثورة والبلد من مؤسسة عسكرية ثورية معترف بها داخلياً وإقليمياً ودولياً سينتهي بهم خارج المعادلة كلياً بعد أن يكونوا قد أسهموا في إضعاف الثورة وإضاعة رأسمالها العسكري.
نماذج "الكنتونات" والحكومات الوهمية، وحتى نموذج "حزب الله" الذي يدغدغ مخيلة بعض القيادات لن ينجح في سوريا، والتوجه الأصح هو التخطيط والعمل من خلال التأثير على الدولة السورية القادمة والمشاركة في قيادتها من خلال مؤسساتها القادمة، حتى المشاريع الأيديولوجية لن تتأثر سلباً بمشروع الحكومة المؤقتة، لأن خريطة الطريق الصحيحة لهذه المشاريع هي أن تتحول إلى مشاريع فكرية وسياسية وأن تلعب دورها الطبيعي في الحياة السياسية في سوريا المستقبل، وبإمكان قيادات هذه المشاريع - إن أحسنت التخطيط والتنفيذ - أن تحافظ على كتلتها الاجتماعية حتى لو انصهرت عسكرياً في مشروع وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة.
اللحظة المناسبة لمشروع "وزارة الدفاع" هو الآن، وليس غداً أو بعد شهر؛ الثورة بحاجة لأن تتمكن من مخاطبة الدول الحليفة لها ومن يفترض أنها صديقة بصفة رسمية وشرعية بما يخص المجهود العسكري، فالثورة بحاجة لطرح البدائل عن النظام في حرب قد تطول، الحرب المباشرة وغير المباشرة بين الدول المؤثرة في الملف السوري ستعود بقوة لأن عنق الزجاجة السياسي سيضيق ويتكرر، ولا يمكن مواجهة هذه الظروف والتعامل معها كفصائل يحمل كلٌّ منها إرثه الخاص ومشاكله الخاصة، كنا قد ذكرنا أنماطاً من التصورات عند بعض القيادات أرهقت الثورة وكادت أن تدمرَها، إلا أن هناك تصوراً آخر هو أكثر كارثية وربما هو مصدر بعض هذه التصورات: وهو تصور القيادات لإمكانية نجاتهم بمفردهم مع فصيلهم حتى لو فشل الباقون، وهذا عين الخطأ وضعف في التفكير والإدراك وانعدام في المسؤولية.
ولئن كان واجب الساعة لا ينتظر، وهو وقف تقدم النظام بدعم من الروس في كلٍّ من إدلب وحماة والغوطة، وأمام خيانة بعض الأطراف وتشتيتها للجهود والكوادر على مدى عامين وتأخُّر الفصائل الثورية في إعادة ترتيب صفوفها؛ فعلى الثوار التفكير بخيار مكمل وداعم لجهد الفصائل، وهذا الخيار هو خيار "المقاومة الشعبية".
نحن أمام حرب تحرر واستقلال، ومفهوم "المقاومة الشعبية" التَصق تاريخياً بهذه الأنماط من الحروب، والثورة السورية لا يجب أن تكون استثناء لأنها أولاً وأخيراً ثورة شعب، لقد أضحى تفعيل "المقاومة الشعبية" بطريقة حرفية ومنظمة ضرورة مستعجلة لا سيما في حماة وإدلب، ليس فقط لحماية الأراضي المحررة بل لإعادة تفعيل التجنيد واستثمار الطاقات التي بددتها سياسات فاشلة للفصائل وعدوان وبغي "الهيئة" الممنهج.
"المقاومة الشعبية" يجب أن تضم مقاتلين سابقين في الفصائل تركوا العمل العسكري لأسباب عديدة، وشباب المناطق المحررة لا سيما المهدد منها باجتياح النظام في كل قرية أو مدينة، بحيث يتولى أبناؤها الدفاع عنها ومنع تسليمها للعدو في حال عجزت الفصائل عن القيام بواجبها، يجب أن تكون "المقاومة الشعبية" هي القالب الذي تُستثمرُ فيه العصبية المناطقية بطريقة إيجابية، والوعاء القادر على استقطاب واحتواء الشباب الذي أحبطته سياسات الفصائل وربما أبعدته عن الساحة.
ولكن يجب ألا يخفى علينا عدة أمور جوهرية ونحن نتحدث عن "المقاومة الشعبية"، فالثقل الأكبر للعمل العسكري سيظل بيد الفصائل على الأقل حالياً وسيكون دور "المقاومة الشعبية" دفاعياً في معظمه ولاسترجاع ما خسرناه، وستكون "المقاومة الشعبية" مكملاً لعمل الفصائل في بعض المناطق وربما بديلاً عنها في حالات خاصة جداً، ولكن بالعموم هي مكملة وليست بديلة.
على الفصائل الثورية المساعدة في تشكيل "المقاومة الشعبية" بما تستطيعه لوجستياً وعسكرياً والمساعدة في تدريب عناصرها وحتى المساعدة في تسليحها ما أمكن، وعلى "المقاومة الشعبية" نفسها أن تجد سبل تمويلها الذاتي بما يتماشى مع اسمها ومع الواقع الجديد الذي نعيشه، وتعود إلى جذور الثورة التي كانت تعتمد في جل عملها العسكري على الغنائم والتبرعات وجهود المخلصين.
يجب على "المقاومة الشعبية" ألا تقع في أكبر خطأ، وهو تحولها إلى فصائل تحت مسميات أخرى، وأن تعيَ هويتها ومهمتها بوضوح، لذلك يجب أن يقود هذا المشروع شخصيات محلية معروفة بسيرتها الذاتية النظيفة بين أهل المنطقة أنفسهم، وأن يكونوا أصحاب قدرات قيادية وإدارية كبيرة، وأن يعوا حقيقة المشروع الذي قاموا من أجله وأهدافه وحدوده، أما مستقبل "المقاومة الشعبية" التي ستكون في البداية رديفاً منظماً للفصائل فهذا سيعتمد على تطور الأحداث الميدانية ومستقبل الفصائل نفسها.
ختاماً: إن إنهاء الفصائلية لا يجب أن يكون على حساب إنهاء قوة الفصائل، بل تأمين جسر عبور آمن لها ولمقاتليها إلى سوريا المستقبل دون إغفال واجب الساعة أو التأخر عنه، وسلاح الثورة يجب أن يبقى في يد الثوار إلى أن تتحقق الأهداف الكبرى للثورة، إن تفعيل "المقاومة الشعبية" لا يجب أن يقتصر على المناطق المحررة، بل يجب أن يشمل سوريا بأكملها، ستتوّلد سبل وأنماط عمل مختلفة في كل منطقة وفق خصوصيتها، ولكن الهدف الغائيّ يجب أن يبقى استثمار كافّة طاقات الشعب للدفاع عن البلد وأهلها، وتحويل أرضنا إلى جحيم للمحتلين والطغاة، وما دام عند الثوار العقيدة القتالية الصحيحة، وما دام عندهم الرغبة في الاستمرار في القتال والتضحية فلن تعجزنا الحيلة ولن تنقصنا الأفكار، والخيارات كثيرة ومتاحة ولكنها تحتاج قياداتٍ واعيةً وقراراتٍ جريئة ومخلصةً، فإن عجزت القيادات الحالية عن ذلك، فربما آن الأوان لاستبدالها.